فهم الحضانة في القانون السعودي وتطوراتها الأخيرة

تعتبر قضايا الحضانة والرعاية القانونية للأطفال من القضايا ذات الأهمية البالغة في المجتمعات الحديثة، وتحظى بالاهتمام الكبير من النواحي القانونية والاجتماعية. في هذا السياق، يأخذ نظام الحضانة في القانون السعودي مكانته البارزة، حيث ينظم حقوق الأطفال وواجبات الوالدين وآليات تنفيذ القوانين المتعلقة بالحضانة والرعاية.

سنقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على عدة نقاط مهمة، بدءًا من تعريف مفهوم الحضانة وما تعنيه في السياق القانوني السعودي، مرورًا بالتحديثات الأخيرة في قانون الحضانة، وصولاً إلى الجوانب القانونية المتعلقة بحالات الزواج وترتيبات الحضانة. دعونا نتعمق سويًا في هذه القضايا لفهم أفضل للحقوق والواجبات المتعلقة بحضانة الأطفال في المملكة العربية السعودية.

تعريف الحضانة: شرح لمفهوم الحضانة وماذا تعني قانونياً في السعودية:

الحضانة هي إجراء قانوني يهدف إلى حماية حقوق الأطفال وضمان تأمين احتياجاتهم الأساسية، وهي من أهم الإجراءات التي تتخذها الدول لضمان رعاية الأطفال في حالات الانفصال أو الطلاق بين الوالدين. وفي السعودية، يعتبر تأمين حقوق الطفل وضمان سلامته ورعايته واحدة من أولويات النظام القانوني.

تعني الحضانة قانونياً تفويض ولي الأمر الحضانة الكاملة أو الجزئية لطفله بشكل قانوني، ويكون له الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بتربيته وتعليمه ورعايته. ويتم تحديد شروط وضوابط الحضانة وواجبات وحقوق الوالدين في هذا الصدد وفقاً للقوانين والتشريعات المعمول بها في المملكة.

في السعودية، يوجد نظام قانوني محدد ينظم مسائل الحضانة، حيث يتم تحديد حقوق الوالدين والواجبات المترتبة عليهما تجاه الأطفال. كما تُنظم القوانين السعودية مسائل الجلسات والتواصل بين الأطفال والوالدين غير الحاضنين.

من المهم أن تكون الحضانة في صالح الطفل وتضمن له بيئة مناسبة لنموه النفسي والجسدي، وتعزز العلاقة الصحية بينه وبين ولي الأمر المكلف بالحضانة. وتسهم الحضانة في القانون السعودي قي تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل وتسهم في تحقيق مصلحته العليا بكاملها.

قانون الحضانة الجديد في السعودية:

تم تقديم تعديلات هامة في الحضانة في القانون السعودي، حيث أكدت المعلومات الواردة في هذا القانون الجديد أن حضانة الأطفال بعد الطلاق وانفصال الأبوين تعود إلى الأم كونها الشخص المسؤول عن رعاية الأطفال. وهذه الفترة تُعتبر مرحلة حاسمة حيث تكون الأم أولى برعاية أطفالها من رعاية الأب لهم.

تلقى هذا التعديل الجديد، حيث كانت الأم في الماضي تحتاج إلى رفع دعوى قضائية إلى المحكمة للنظر في قضية الحضانة، ولكن مع تشريع قانون الحضانة الجديد، أصبحت الحضانة تعود إلى الأم تلقائيًا دون الحاجة للدعاوى القضائية.

من أهم مواد القانون الجديد للحضانة هي:

  • المادة 125: توضح شروط الحاضنة، مثل الأهلية التامة والسلامة الكاملة من الأمراض والقدرة على توفير الرعاية السليمة.
  • المادة 126: تنص على أن الحاضنة يجب أن تكون امرأة غير متزوجة برجل غير الأب المحضون، وفي حال كان الحاضن رجلاً، يجب أن يكون رحمًا محرمًا على المحضون وأن تكون لديه مرأة صالحة للحضانة.
  • المادة 127: تحدد أولوية الحضانة للوالدين، وفي حالة الطلاق، تكون الأم أولى، ثم الأب، ثم أم الأم، وأم الأب، وللقاضي تقدير في تغيير الترتيب حسب مصلحة المحضون.
  • المادة 128: تشير إلى حالات سقوط الحضانة وكيفية استعادتها.
  • المادة 130: تسمح لأحد الوالدين بطلب استعادة الحضانة في حال سقوطها.
  • المادة 131: تلزم الأم بالحضانة للطفل الصغير غير المطالب بها من قبل أحد الوالدين.
  • المادة 132: تحدد إمكانية اختيار المحكمة من يكون محضنًا للطفل في حال عدم وجود الوالدين أو رفض الحضانة من قبلهم.

حضانة الأطفال في نظام الأحوال الشخصية السعودي:

من الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها كل من الأبوين بعد الطلاق في السعودية وفقًا لقانون الأحوال الشخصية، يتضمنها القانون الجديد:

  • الأم الحاضنة تتمتع بحق نيل الولاية التعليمية، مما يسمح لها بتقديم أبنائها في المدارس.
  • يُمنح للأم الحاضنة حق تحصيل حقوقها المادية بعد الطلاق، مثل الأجر المسكن ورسوم الرضاعة، وتحصيل الحقوق بعد انتهاء فترة الطلاق.
  • يخير المحضون عندما يبلغ سن الخامسة عشرة ويختار إذا كان يرغب في البقاء مع الأم.
  • للأب الحق في رفع دعوى قضائية لاستعادة الأولاد بعد انقضاء فترة الحضانة.
  • يُعتبر حق الحضانة حقًا شرعيًا لأحد الوالدين، مما يُضمن توفير الاحتياجات الأساسية للطفل من جوانب مادية ونفسية وصحية، وكذلك تحمل الالتزامات المالية كالمسكن والتعليم والمأكل والملبس.

يحدد قانون الحضانة الجديد في السعودية شروطًا محددة يجب توافرها لحصول الأم على الحضانة بعد الطلاق، وهذه الشروط تشمل:

  • الإسلام: يجب أن يكون الأبوان مسلمين لحصول الأم على الحضانة.
  • البلوغ والعقلية: يُشترط أن يكون الطفل بالغًا وعاقلًا، وألا يعاني من أمراض نفسية.
  • المسكن: يجب توفير مسكن مناسب يحمي الطفل ويوفر بيئة صحية له.
  • القوة البدنية: يجب أن يكون الشخص الذي يرعى الطفل قادرًا.

قانون الحضانة في حالات زواج الأم بموجب القوانين السعودية:

حالات سقوط حق الحضانة عن الأم تشكل جزءاً هاماً من النظام القانوني في المملكة العربية السعودية. فعندما تتحقق بعض الحالات المعينة، يُسقط حق الحضانة عن الأم. من هذه الحالات:

  • الإصابة بأمراض خطيرة: إذا ثبتت إصابة الأم بمرض نفسي أو مرض معدي خطير يمكن أن يؤثر على تربية الأبناء، فيسقط حق الحضانة عنها.
  • اقتراف جرم جنائي: في حال ارتكاب الأم جريمة تستوجب العقاب، يُسقط حق الحضانة عنها.
  • عدم القدرة على الرعاية: إذا لم تكن الأم قادرة على رعاية الأبناء بشكل كافي نتيجة لعوامل مادية أو نفسية، فيُسقط حق الحضانة عنها.
  • المشاكل الدينية: في حال وجود مشاكل تتعلق بالدين أو العبادة قد تؤثر على تربية الأبناء، يُسقط حق الحضانة عن الأم.
  • العنف والعذاب: إذا ثبتت الأدلة على استخدام الأم للعنف أو العذاب ضد الأطفال، يُسقط حق الحضانة عنها.

وبالنظر إلى حالة زواج الأم، فإنه يُعتبر من الاستثناءات الموجودة في حالات سقوط حق الحضانة. يمكن للأم المحافظة على حق الحضانة حتى بعد زواجها في حالات معينة، مثل:

  1. الوضع الأول: يجب أن لا يكون الزوج غريبًا على الشخص الذي يتم رعايته، وبالتالي لن يكون لهذا الزواج تأثير سلبي على الشخص المحضون.
  2. الوضع الثاني: إذا كان من المهم لمصلحة الشخص المحضون أن يظل مع والدته حتى لو تزوجت هي شخصًا آخر، وذلك لأسباب مثل وجود سجل جنائي أو سوابق سيئة للأب، أو وجود خلافات معه.

تنظيم الحضانة وترتيبها في النظام القانوني السعودي:

يعتبر ترتيب الحضانة في القانون السعودي جزءًا أساسيًا من التشريعات التي تهدف إلى تحديد الحقوق والواجبات لكل من الوالدين وضمان رعاية الأطفال بشكل صحيح ومتكامل بعد حدوث الانفصال أو الطلاق. وتعتمد مسألة الحضانة على الأولوية والأحقية القانونية في كسب الحضانة، وهناك عدة حالات يتم فيها ترتيب مستحقي الحضانة وفقًا للأولية والمصلحة الأفضل للطفل.

وفقًا للمادة 127 من قانون الأحوال الشخصية السعودي، يعتبر الحضانة واجبًا للوالدين طالما توجد علاقة زوجية بينهم. وفي حال الافتراق، تمنح الحضانة للأم بشكل أولي، وتنتقل بعد ذلك للأب في حالة عدم وجود الأم أو عدم قدرتها على تأمين الرعاية اللازمة للطفل.

تحت مادة 131، عندما يكون سن المحضون دون سنتين ولم يُطالَب أحد من المستحقين بالحضانة، تلزم الأم بحضانته، وإذا كان أكبر من ذلك يلزم الأب بحضانته، ما لم يكن هناك اتفاق آخر بين الأطراف.

وفي حال عدم وجود الوالدان أو عدم قبول أي فرد مستحق للحضانة بها، تُعين المحكمة شخصًا صالحًا للحضانة أو تعهد بها لجهة مؤهلة.

كما يُسقط الحق في الحضانة إذا كان الحاضن غير قادر على تأمين الرعاية الكافية للطفل بسبب عدة أسباب منها العمر المتقدم، وجود أمراض خطيرة معدية، مشاكل نفسية أو عقلية، غياب المسكن المناسب، أو وجود أحكام قضائية مخلة بالشرف أو الأمور الشخصية.

حدود سن الحضانة في القوانين السعودية:

يعد سن نهاية الحضانة في القانون السعودي جزءًا أساسيًا من قوانين الأحوال الشخصية التي تهدف إلى ضمان حقوق الأطفال ورعايتهم بشكل مناسب وملائم. وفقًا للمادة 135 من نظام الأحوال الشخصية، ينتهي حق الحضانة عندما يبلغ المحضون سن الثامنة عشر، إلا أنه بعد بلوغ الخامسة عشر يحق له اختيار البقاء مع الحاضن الحالي أو الانتقال إلى حاضن آخر.

يأتي اختيار سن الثامنة عشر لانتهاء الحضانة استنادًا إلى القدرة القانونية للشخص على اتخاذ القرارات بشكل مستقل وواعي، ويعطي للمحضون الحق في اختيار مصيره بعد بلوغه سن الخامسة عشر. يتمثل هذا الاختيار في الإقامة مع الوالدين أو الحاضن الشرعي الذي يعتبره الأفضل بالنسبة له.

من الجدير بالذكر أن هناك حالات استثنائية تسمح بالاستمرار في الحضانة بعد بلوغ سن الثامنة عشر، مثل حالة المحضون المعتوه أو المصاب بأمراض دائمة تحول دون قدرته على العيش بشكل مستقل. كما تستمر الحضانة حتى الزواج في حالة البنت، حيث تعتبر هذه الحالة مؤثرة في تحديد مستقبل الحضانة.

بالتالي، تساهم قوانين الحضانة في السعودية في تحديد الحقوق والواجبات للأطفال وتأمين بيئة مستقرة وصحية لتربيتهم وتنميتهم بشكل صحيح وملائم.

لا تكتفِ بقراءة المعلومات المُقدمة في المقالة، بل استشر محامٍ للحصول على نصيحة قانونية مُخصصة لقضيتك.يمكنك التواصل علي ولواتساب لكافة الاستفسارات


اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*