الغش التجاري في المملكة العربية السعودية وتأثيره على النشاطات 

الغش التجاري في المملكة العربية السعودية

يُعرف الغش التجاري في نظام مكافحة الغش التجاري على أنه المنتج المغشوش الذي يتعرض لتغييرات أو عبث يُفقده قيمته المادية أو المعنوية. يشمل هذا التعريف كل منتج يتعرض للتغيير سواء بالإضافة أو الانقاص أو التصنيع أو أي تغيير يؤثر على جودته أو خصائصه أو مواصفاته المعتمدة. وفقًا لهذا التعريف، يمكن أن يكون الغش التجاري في المنتجات الغذائية عبارة عن إضافة مواد أخرى لزيادة الكمية بدون موافقة أو تغيير في الوزن أو العلامة التجارية.

يُعد الغش التجاري حالة تتكرر في جميع الأزمان والدول. وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام يحرم جميع أشكال الغش والسرقة ويُعاقب عليها، مما يجعل مكافحة الغش التجاري ذات أهمية كبيرة في البيئة التجارية.

  • باتت مخاوفنا من شراء بعض المنتجات الغذائية في المتاجر الصغيرة المنتشرة بأحياءنا السكنية شائعة، فنميل إلى اللجوء إلى الأسواق الكبيرة، معتقدين أنها توفر مزيدًا من الأمان وتقلل من فرص الوقوع في الغش التجاري. لكن للأسف، فإن الواقع يظهر لنا أن هذه الظاهرة لم تقتصر على المتاجر الصغيرة بل وانتشرت بشكل أكبر في الأسواق الكبيرة، وغالبًا ما يتم عرض منتجات منتهية الصلاحية كـ “عروض خاصة” أو “هدايا” بمجرد شراء منتج آخر.
  • من الخطوات الهامة التي يمكن اتخاذها للوقاية من الغش التجاري هو التحقق الدائم من تاريخ انتهاء الصلاحية للمنتجات قبل الشراء، والتفضيل للأسواق المعروفة بجودة منتجاتها والمصادر الموثوقة. يُنصح أيضًا باستخدام التقنيات الذكية مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي تُمكن المستهلك من فحص المنتجات عبر الباركود لضمان صحتها ومطابقتها للمعايير الصحية.
  • بدأت ظاهرة الغش والخداع في التعامل وزادت معدلات التلوث في السلع في الفترة الأخيرة نتيجة التقدم السريع في مجالات العلوم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، مما منح الأشخاص المتورطين في الغش إمكانيات كبيرة للقيام بأعمالهم غير الشريفة بشكل أكثر دقة وخفاء. هذا التطور العلمي أدى إلى انتشار أنواع جديدة من الغش، مما دفع المجتمعات العالمية إلى البحث عن سبل مكافحة هذه الظاهرة بشكل أكبر وفاعلية أكثر، سواء على المستوى التشريعي أو الاجتماعي أو الأمني.
  • يتعلق الأمر في تجريم أشكال الغش بحرص المجتمعات على ضمان نزاهة المعاملات الصناعية والتجارية والاقتصادية، حيث يتعرض المستهلكون لمخاطر صحية واقتصادية خطيرة جراء استهلاك المنتجات المغشوشة أو الملوثة. تهدف تلك الجهود إلى حماية المستهلك وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
  • إن تأثيرات الغش التجاري لا تقتصر على المستهلكين فحسب، بل تمتد إلى الاقتصاد والمجتمع بشكل عام، حيث يؤثر بشكل سلبي على الثقة في السوق ويعيق التنمية الاقتصادية. لذا، يجب على الجميع التعاون وتبني السلوكيات النزيهة لمكافحة هذه الظاهرة وبناء بيئة تجارية صحية ونزيهة تحقق الاستقرار والازدهار للمجتمعات.
  • إحدى حالات الغش التجاري الشائعة تتمثل في إضافة مشتريات غير مرغوب فيها إلى فاتورة المستهلك دون علمه، حيث يقوم بعض البائعين بإضافة منتجات إضافية دون علم المستهلك، مما ينتج عنه تحقيق ربح غير مشروع للبائع. وللتحقق من ذلك، ينبغي على المستهلك التأكد من خلو طاولة البائع من أي منتجات غير مرغوب فيها قبل الدفع، والتحقق من قيمة مشترياته قبل مغادرة المحل لتجنب الوقوع في هذه الفخاخ.
  • أما الحالة الثانية، فتتمثل في توافر منتجات غير معلومة المصدر في المحلات التي تعتمد على البيع بأسعار مخفضة، وعادة ما تكون تلك المنتجات مقلدة للمنتجات الأصلية. ففي الحالات التي يظهر فيها سعر المنتج بالمحل المخفض بشكل غير منطقي مقارنة بالأسعار الرسمية، فإنه ينبغي للمستهلك أن يكون حذرًا ويتأكد من جودة وأصالة المنتج قبل الشراء.
  • ومن حالات الغش التجاري المعتادة أيضًا، اختلاف سعر المنتج المعروض عن السعر الموجود في الفاتورة النهائية بعد الشراء، ويحدث ذلك غالبًا في حالات العروض التي تثير اهتمام المستهلك وتجذبه للشراء بسبب سعر منخفض، لكنه يتفاجأ بزيادة السعر عند الدفع النهائي. ينبغي على المستهلك الحرص على مراجعة الفاتورة والاحتفاظ بالإيصالات للتأكد من سلامة العملية التجارية.
  • أخيرًا، يشمل الغش التجاري أيضًا عدم وجود تاريخ صلاحية أو محاولة إخفاء تواريخ الانتهاء على منتجات معينة، ويتم ذلك من خلال ممحاة الحبر عن العبوات لتعديل التواريخ والتلاعب بالمعلومات. هذه الحالات تعد انتهاكًا لحقوق المستهلك وتشكل خطرًا على سلامته وصحته.
  • الغش في المزادات الإلكترونية:

في سوق المزادات عبر الإنترنت، يعتمد كل شيء على الصور والتوصيف المقدم للبضائع. هذا يجعل من الصعب على المشترين التأكد من جودة المنتجات قبل الشراء. ومن هنا تبرز مشكلة الثقة بين المشتري والبائع، حيث يمكن للمحتالين استغلال هذه الثقة من خلال عروض ووصف غير دقيق للبضائع. وتشير التقارير إلى أن جرائم الاحتيال في المزادات عبر الإنترنت تعد من بين أكثر جرائم الإنترنت شيوعًا وانتشارًا، مما يجعل الحذر والتحقق الدقيق أمرًا ضروريًا للمشترين.

  • الغش في الأسهم والاستثمار:

مع تطور الإنترنت، أصبحت أنشطة الشركات والتجارة في الأسهم تحدث بشكل متزايد عبر الإنترنت. وهنا يتسنى للمحتالين استخدام وسائل الإعلام الرقمية لنشر معلومات خاطئة أو للتلاعب بأسعار الأسهم بهدف جذب المستثمرين وتحقيق أرباح غير مشروعة. هذا يضع المستثمرين في خطر ويؤثر سلبًا على سوق الأسهم بشكل عام.

  • الغش في عمليات التجارة التي تتم بالاتصال المباشر على الخط:

عندما يتم التعامل مباشرة عبر الإنترنت، تنشأ مشكلات جديدة تتعلق بالغش والاحتيال. فالسرعة والكفاءة في إجراء الصفقات يمكن أن تسهل وتزيد من فرص الغش والاحتيال، حيث يمكن للأطراف المختلفة تغيير شروط الاتفاقيات بسهولة والتلاعب بالمعلومات لتحقيق مكاسب غير مشروعة. وبما أن التعاملات الإلكترونية تفتقر إلى العوامل الاجتماعية التي تسهم في بناء الثقة في التعاملات التجارية التقليدية، فإن هذا يزيد من خطر الغش والاحتيال.

  • الغش في نقل الأموال إلكترونيًا:

تعتبر عمليات نقل الأموال إلكترونيًا من العمليات الحساسة والهامة في العالم الرقمي الحديث، حيث يمكن للمحتالين الاستفادة من عدة طرق واستراتيجيات للقيام بأشكال مختلفة من الغش والاحتيال. من بين هذه الطرق، يُعتبر الحصول على وسائل الوصول إلى معلومات حساسة مثل كلمات المرور وتفاصيل الحسابات أمرًا حيويًا للمحتالين. يمكنهم استخدام هذه المعلومات للوصول إلى قواعد البيانات الخاصة بشركات الأعمال والمؤسسات المالية، مما يمكنهم من تنفيذ عمليات نقل أموال مشبوهة أو غير قانونية.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد استخدام البريد الإلكتروني في نقل الأموال إحدى الطرق التي يمكن استغلالها من قبل المحتالين. فمن خلال إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة أو احتيالية، يمكن للمحتالين إقناع الضحايا بتنفيذ عمليات نقل أموال غير مشروعة. ومع زيادة استخدام التجارة الإلكترونية ونقل الأموال عبر الإنترنت، من المتوقع أن تزداد حالات الاحتيال والغش المرتبطة بهذه العمليات.

  • الغش المرتبط بوسائل التعريف:

يعتبر الغش المرتبط بوسائل التعريف أحد الاستراتيجيات الشائعة التي يستخدمها المحتالون لتنفيذ أعمال غير قانونية. يتمثل أحد أبرز أشكال هذا الغش في تحريف وثائق الهوية أو الوثائق الرسمية للأفراد أو الشركات، حيث يتم إنشاء تعريفات مزورة بشكل احتيالي لاستخدامها في عمليات احتيالية مثل سرقة الهوية أو النصب المالي.

التعريف المزور يمكن أن يُستخدم في عدة أنشطة غير قانونية، منها الحصول على قروض بنكية بشكل غير مشروع، أو فتح حسابات مصرفية مزورة، أو استخدامه في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت. ومن المهم التنبيه إلى أن الاحتيال المرتبط بوسائل التعريف له عواقب جنائية خطيرة ويُعد جريمة تحت قوانين العديد من الدول.

  • الاحتيال في التحصيل:

تُعتبر عمليات التحصيل من العمليات المالية الحيوية التي تؤثر على نجاح الشركات والمؤسسات التجارية. ومع انتشار استخدام التحصيل الإلكتروني في الفترة الأخيرة، تزايدت حالات الاحتيال والغش المرتبطة بهذه العمليات.

يتمثل أحد أشكال الاحتيال في التحصيل في تنفيذ عمليات مالية مشبوهة أو غير قانونية، مثل تزوير الفواتير أو الوثائق المالية، أو توجيه المدفوعات إلى حسابات مزورة. كما يمكن للمحتالين استغلال الثغرات في أنظمة التحصيل الإلكتروني لتنفيذ عمليات نصب واحتيال.

  • مخاطر الاستشارات من الخارج:

يُشكّل الاعتماد على الخدمات الاستشارية من الخارج خطرًا على الأمن الاقتصادي، خصوصًا فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات وإدارة البيانات. فالتعاقد مع موفري خدمة التطبيقات الذين يديرون بياناتنا يمكن أن يؤدي إلى سوء استخدام تلك المعلومات، سواء بالاحتيال أو بالبيع غير المرخص. فاعتماد الشركات على الاستشارات الخارجية في مجال تكنولوجيا المعلومات يزيد من خطر الاحتيال والفساد، حيث يمكن أن يتم استغلال ثقة الشركات في تدبير بياناتها السرية والحساسة.

  • الاحتيال على الحكومات:

رغم فوائد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات الحكومية، فإن الحكومات معرضة أيضًا لخطر الاحتيال. فموفري خدمة الرعاية الصحية لموظفي الحكومة قد يستغلون الأنظمة الإلكترونية للتلاعب والاحتيال، مثل التزوير أو الحلول غير المرخصة. كما يمكن استخدام تكنولوجيا المعلومات بشكل غير مناسب من قبل موظفي الحكومة لأغراض غير مشروعة، وهو ما يتطلب إجراءات أمنية ورقابية صارمة.

  • احتيال المستهلك:

رغم الإجراءات الواقية، يزداد عدد الشكاوى من المستهلكين الذين يتعرضون للاحتيال على الإنترنت، وهذا يرتبط بتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واختلاف أشكال الاحتيال. يجب توعية المستهلكين بالمخاطر المحتملة واتخاذ الحيطة والحذر في التعاملات الإلكترونية.

  • الاحتيال الهرمي:

يشكل الاحتيال الهرمي خطرًا يتزايد في البيئة العربية، حيث يركز على جمع الأموال من الأشخاص من خلال إقناعهم بدعوة أشخاص آخرين للانضمام، وهذا يتطلب تشديد الرقابة وفرض العقوبات للحد من هذه الظاهرة.

ختامًا، يُعتبر الغش التجاري ظاهرة مُؤثرة ومُضرة تتسبب في تشويه البيئة التجارية وتضر بالنشاطات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية. يجب علينا جميعًا التوعية بخطورة هذه الظاهرة واتخاذ التدابير اللازمة لمكافحتها، سواء من خلال تشديد الرقابة وتطبيق العقوبات الرادعة على المتورطين، أو من خلال تعزيز الوعي لدى المستهلكين والشركات بأهمية المحافظة على النزاهة والشفافية في العلاقات التجارية. إن مكافحة الغش التجاري تعزز المنافسة الصحيحة وتحقق العدالة الاقتصادية، مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.

لا تكتفِ بقراءة المعلومات المُقدمة في المقالة، بل استشر محامٍ للحصول على نصيحة قانونية مُخصصة لقضيتك.يمكنك التواصل علي ولواتساب لكافة الاستفسارات


كما يمكنك حجز استشاراتك من مكتب ناصر عبد العزيز اليوسف:
استشارة قانونية – في مقر العميل
-استشارة مرئية – عن بعد
-استشارة مكتبية – حضورية

يمكنك الاطلاع علي المزيد من المقالات القانونية من مكتب ناصر العزيز اليوسف:
-قضايا تقسيم الإرث والتركات في السعودية
-أهمية دور المحامي في صياغة العقود
-الاستشارات القانونية: فوائدها وأسرار الحصول عليها

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*