ما هو التستر التجاري وعقوبته

التستر التجاري وعقوبته

تعد ظاهرة التستر التجاري من بين التحديات الأخلاقية والقانونية التي تواجه الأسواق التجارية حول العالم، بما في ذلك في المملكة العربية السعودية. يعبر نظام مكافحة التستر التجاري، الذي وضع بموجب المرسوم الملكي رقم (م/4) وتاريخ 1442/01/01 هجري، عن جهود حثيثة لحماية المستهلكين وضمان نزاهة السوق التجارية. يهدف هذا النظام إلى كشف الحقائق ومنع تغطية الحقائق حول المنتجات والخدمات بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة.

التستر التجاري، الذي يمكن أن يكون سبباً في فقدان الثقة بين الشركات والعملاء، يساهم أيضاً في انتشار الفساد وتشويه صورة السوق التجارية الشرعية. يعمل هذا النظام على تعزيز النزاهة والشفافية، وبالتالي يسهم في دعم الاقتصاد وتحقيق المنافسة الصحيحة والعادلة بين الشركات.

لنتعمق في الأسباب التي تسهم في انتشار التستر التجاري:

  1. الرغبة في زيادة الأرباح: 

يُعد الربح هدفاً أساسياً لأي نشاط تجاري، وقد يدفع بعض الشركات إلى التستر التجاري كوسيلة لزيادة مبيعاتها وبالتالي أرباحها، من خلال تضليل المستهلكين حول خصائص المنتجات أو الخدمات التي تقدمها.

  1. الضغط التنافسي: 

في بعض الأحيان، يجد المنافسون أنفسهم تحت ضغوط شديدة للبقاء في سوق تجاري تنافسي. يمكن أن يدفع هذا الضغط بعض الشركات إلى اتخاذ إجراءات غير أخلاقية مثل التستر التجاري للبقاء منافسين.

  1. سوء فهم القوانين أو اللوائح: 

قد يكون التستر التجاري نتيجة لسوء الفهم للقوانين أو اللوائح التجارية، حيث يعتقد بعض التجار أنهم يتصرفون ضمن حدود القانون عندما يخفون أو يغيرون معلومات عن منتجاتهم.

  1. قصور في رقابة السوق:

 في حالات كثيرة، ينشأ التستر التجاري بفعل قصور في نظام الرقابة والرقابة على السوق، مما يتيح للشركات فرصة للقيام بأنشطة غير قانونية دون مخاطرة بالعقوبات.

  1. الضغط الزمني والمالي: 

قد يجد بعض الشركات نفسها تحت ضغوط زمنية أو مالية لإطلاق منتجات جديدة أو تحسين خدماتها، مما قد يدفعها إلى اختصار العمليات والتستر على بعض المعلومات لتحقيق الأهداف المنشودة بسرعة وبتكلفة منخفضة.

تتشابك هذه العوامل فيما بينها، مما يؤدي إلى زيادة حالات التستر التجاري في الأسواق التجارية المختلفة، مما يتطلب تبني استراتيجيات فعالة لمكافحته وضمان نزاهة وشفافية السوق.

لنلقي نظرة على أنواع التستر التجاري في المملكة العربية السعودية:

  1. التستر بالشراكة:

 يشمل هذا النوع من التستر إبرام عقود شراكة تجارية بين أشخاص، حيث يكون أحدهم هو المالك الحقيقي والمدير الفعلي للعمل، بينما يكون الآخر شريك تستر أو وكيل للظهور بأنه المالك الرسمي.

  1. التستر بالتسجيل: 

يتم تسجيل الشركة أو المؤسسة باسم شخص آخر دون أن يكون له دور فعلي في إدارة أو تشغيل الأعمال.

  1. التستر بالتفويض: 

يتم تفويض شخص آخر بالتعامل بالنيابة عن الشخص الحقيقي في إدارة الأعمال التجارية، مما يسمح للشخص الأصلي بالبقاء خلف الكواليس دون الكشف عن هويته.

  1. التستر بالوكالة: 

يتم تعيين شخص كوكيل للشخص الحقيقي للقيام بالأعمال التجارية نيابة عنه، دون إفصاح عن العلاقة الحقيقية بينهما.

هذه الأشكال جميعها تعد مخالفة للقوانين التجارية في المملكة العربية السعودية، حيث تهدف إلى إخفاء الحقيقة الفعلية للتجار والشركات وتضليل الجهات الحكومية والمستهلكين. تترتب على ممارسة التستر التجاري عواقب قانونية صارمة تشمل العقوبات والغرامات، وتهدف السلطات المحلية إلى مكافحته بكل فعالية لضمان نزاهة السوق التجارية وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين.

  • عقوبة التستر التجاري في المملكة العربية السعودية تعتبر من الجوانب الهامة لحماية النزاهة والشفافية في السوق التجاري. ينص القانون السعودي الجديد على أن من يُدان بممارسة التستر التجاري قد يواجه عقوبات صارمة تشمل السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات ودفع غرامات تصل إلى خمسة ملايين ريال سعودي.
  • تشمل عقوبات التستر التجاري أيضاً مصادرة الأموال غير المشروعة التي حصل عليها المتورطون بعد صدور حكم بحقهم، بالإضافة إلى إغلاق المنشآت المتورطة وإلغاء التراخيص التجارية لها، مما يعرض المخالفين لفقدان حقوقهم في ممارسة الأنشطة التجارية.
  • بالنسبة للأفراد غير السعوديين المدانين بالتستر التجاري، يمكن إبعادهم عن المملكة ومنعهم من العودة مرة أخرى، مع فرض غرامات مالية تصل إلى مئات الآلاف من الريالات، بالإضافة إلى عواقب قانونية أخرى مثل شطب السجلات التجارية ومنع المتورطين من ممارسة أي نشاط اقتصادي لمدة محددة بعد الإدانة.
  • تجدر الإشارة إلى أن تلك العقوبات تأتي في إطار جهود السعودية لضمان نظام اقتصادي نزيه وموحد يحافظ على حقوق جميع المتعاملين في السوق التجارية، وتعزز من التزام الجميع بالالتزام بالقوانين واللوائح التجارية المعمول بها في المملكة.

لإثبات التستر التجاري في المملكة العربية السعودية، تتبع السلطات عدة إجراءات لضمان جمع الأدلة الكافية وإثبات الخرق. إليك تفصيلاً عن الطرق المستخدمة:

  1. التحقيق :

 يتم فتح تحقيقات رسمية من قبل الجهات القضائية والرقابية، حيث يتم جمع الأدلة من خلال استجواب الأطراف المعنية وفحص الوثائق المالية والتجارية ذات الصلة. يهدف هذا التحقيق إلى تحديد ما إذا كان هناك شخص يتستر على النشاط التجاري لآخر بشكل غير قانوني.

  1. الوثائق والسجلات التجارية:

 تُستخدم الوثائق مثل العقود، وكشوف الحسابات، والتسجيلات التجارية لإظهار العلاقات التجارية الحقيقية وتحديد من يمتلك ويدير الأعمال بالفعل. على سبيل المثال، يمكن استخدام التسجيلات التجارية لإظهار ملكية الشركة والمسؤوليات الفعلية للأطراف المعنية.

  1. شهادة الشهود: 

يُمكن استدعاء الشهود الذين يمكنهم تقديم الأدلة أمام المحكمة بشأن العلاقات التجارية والتنظيمات الشراكية والتفاصيل الأخرى التي قد تدعم قضية التستر التجاري. تلعب الشهادات الشاهدية دوراً حاسماً في توضيح الحقائق وتقديم دليل قوي أمام القضاء.

  1. التحقيق الداخلي: 

يمكن للجهات الخاصة مثل مكاتب المحاماة أو الشركات أن تُجري تحقيقات مستقلة لحسابها لجمع الأدلة وتحليلها. حيث ان مكاتب المحاماة تستخدم التقنيات والخبرات المتقدمة لفحص الأدلة وتقديمها بشكل يدعم القضية المقدمة أمام المحاكم.

  1. الأدلة الالكترونية وغير الالكترونية :

 يشمل استخدام البيانات الإلكترونية والتقنيات الرقمية لجمع الأدلة. يتم استخدام هذه الطريقة في تحليل بيانات الإنترنت والاتصالات والتسجيلات الإلكترونية لتقديم دليل قوي على وجود التستر التجاري. وايضا غير الالكترونية كالسجلات والأوراق والمستندات وغيرها 

باستخدام هذه الطرق، يتم إثبات التستر التجاري وتقديم الأدلة اللازمة أمام السلطات المعنية والمحاكم لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، مما يشمل فرض العقوبات المالية، والسجن، وإلغاء التسجيلات التجارية، وفرض حظر على المشتبه بهم، وغيرها من العقوبات بحسب خطورة المخالفة المثبتة.

  • من منظور الشريعة الإسلامية، التستر التجاري يُعتبر مخالفة للأخلاق والعدل الاجتماعي، حيث يعتبر استغلالاً للمال بطرق غير شرعية وتنتهك حقوق الأفراد والمجتمع. في الإسلام، توجد العديد من الأدلة والأحكام التي تنص على حرمة التستر وضرورة الشفافية في العقود والتعاملات التجارية.
  • أحد هذه الأدلة هو قوله تعالى في القرآن الكريم: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ” (البقرة: 188)، الذي يحذر من استغلال الأموال بطرق غير مشروعة وغير شرعية. كما أن التستر التجاري يتعارض مع مفهوم العدالة الاقتصادية والنزاهة في التعاملات.
  • لذا، تتخذ الدول الإسلامية، مثل المملكة العربية السعودية، إجراءات صارمة لمكافحة جرائم التستر التجاري، وتضع قوانين وأنظمة تهدف إلى حماية الاقتصاد وتعزيز الشفافية والنزاهة في الأعمال التجارية. تلك القوانين تتطابق مع القيم الإسلامية التي تحث على العدل والشفافية في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك النشاط التجاري والاقتصادي.
  • بالتالي، يمكن أن نرى أن مكافحة التستر التجاري في السعودية وغيرها من الدول تستند إلى قيم إسلامية تعزز العدالة وتحمي حقوق الأفراد والمجتمع بشكل عام.

لحماية نفسك من التستر التجاري في المملكة العربية السعودية، يمكنك اتباع الإجراءات التالية:

  1. الالتزام بالشفافية وتطبيق النظام:

 تأكد من أن جميع عملياتك التجارية تتم بشكل شفاف ووفقًا للأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة. حافظ على توثيق جميع العقود والاتفاقيات بشكل دقيق وصحيح.

  1. التحقق من شركاء العمل: 

قبل الشروع في أي شراكة تجارية، تحقق من خلفية وتاريخ الشركاء المحتملين جيدًا. تأكد من أنهم يتمتعون بسمعة طيبة وأنهم غير متورطين في أنشطة تستر تجاري.

  1. توثيق العلاقات التجارية:

 احرص على توثيق جميع العلاقات التجارية بوثائق رسمية وعقود مكتوبة تحدد بوضوح الحقوق والالتزامات لكل طرف. هذا يساعد في حماية حقوقك وتعزيز الشفافية.

  1. الاستشارة القانونية: 

استشر محامي مختص في الشؤون التجارية للحصول على النصائح القانونية الصحيحة وللمساعدة في تقييم المخاطر المحتملة وضمان الامتثال للقوانين.

  1. متابعة التطورات القانونية:

 كونك على علم بالتطورات القانونية واللوائح التجارية الجديدة في المملكة. تأكد من الامتثال لهذه اللوائح في جميع أنشطتك التجارية.

  1. الإبلاغ عن الاحتيال: 

في حال شككت في وجود التستر التجاري أو أي نشاط تجاري غير قانوني، قم بالإبلاغ عن ذلك للجهات المعنية مثل وزارة التجارة أو الجهات الرقابية المختصة. يمكنك المساهمة في مكافحة هذه الظاهرة وحماية الاقتصاد الوطني.

باتخاذ هذه الإجراءات، يمكنك تعزيز حمايتك الشخصية والمؤسسية من التستر التجاري والحفاظ على سلامة عملياتك التجارية في المملكة العربية السعودية.

لدينا في مكتبنا، مكتب ناصر عبد العزيز اليوسف، فريق متخصص يمكنه مساعدتك في قضايا التستر التجاري بالمملكة العربية السعودية. نحن نقدم استشارات قانونية متقدمة ونساعد عملائنا في حماية حقوقهم والتصدي لأي نشاط تجاري غير قانوني يمكن أن يؤثر على أعمالهم. بفضل خبرتنا الواسعة في مجال الشؤون التجارية والقانونية، يمكننا تقديم النصائح والحلول الفعالة للتعامل مع التستر التجاري والدفاع عن مصالح عملائنا بكل حزم وفعالية.


كما يمكنك حجز استشاراتك من مكتب ناصر عبد العزيز اليوسف:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*